{وَالَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} وقُرِئ ودَبَرَ أي: مضى، {وَالصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ} أي: تجلَّى.{إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ}.أي: النار لإحدى الدواهي الكُبَر.ويقال في {كَلاَّ وَالْقَمَرِ} إشارةٌ إلى أقمار العلوم إذا أخذ هلالُها في الزياد بزيادة البراهين، فإنها تزداد، ثم إذا صارت إلى حدِّ التمام في العلم وبلغت الغاية تبدوا إعلام المعرفة، فالعلم يأخذ النقصان، وتطلع شمسُ المعرفة، فكما انه قَرُبَ القمرُ من الشمس يزداد نقصانه حتى إذا قرب من الشمس تماماً صار محاقاً- كذلك إذا ظَهَرَ سلطانُ العرفانِ تأخذ أقمارُ العلوم في النقصان لزيادة المعارف؛ كالسراج في ضوء الشمس وضياء النهار. {وَالَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} أي إذا انكشفت ظُلَمُ البواطن، {وَالصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ} وتجلَّت أنوار الحقائق في السرائر.... إنها لإحدى العظائم! وذلك من باب التخويف من عودة الظُّلَم إلى القلوب.{نَذِيراً لِّلْبَشَرِ}.في هذا تحذيرٌ من الشواغل التي هي قواطع عن الحقيقة، فيحذروا المساكنةَ والملاحظةَ إلى الطاعات والموافقات.... فإنّها- في الحقيقة- لا خطرَ لها.{لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} عن الطاعات , وهذا على جهة التهديد.قوله جلّ ذكره: {كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}.أي: مرتهنة بما عملت، ثم استثنى: {إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ}.فقال: إنهم غير مرتهنين بأعمالهم، ويقال: هم الذين قال الله تعالى في شأنهم: «هؤلاء في الجنة ولا أُبالي»!وقيل: أَطفال المؤمنين.{فِى جَنَّاتٍ يَتَسَآءَلُونَ عِنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَر قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَآئِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ}.هؤلاء يتساءلون عن المجرمين، ويقولون لأهل النار إذا حَصِلَ لهم إشرافٌ عليهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ}؟ {قالوا ألم نك من المصلين} ألم نكُ نُطْعِمُ المسكين؟وهذا يدل على أنَّ الكفارَ مُخَاطَبون بتفصيل الشرائع.{وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَآئِضِينَ}: نشرع في الباطل، ونكذَّب بيوم الدين.